نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية لقاءات مع الوزير السابق سفيان ابو زايدة ومع بعض الجرحى الذين سقطوا في عملية اغتيال العميد محمد غريب التي نفذتها مجموعة من القوة التنفيذية أو مجموعات من القوة نفسها بحسب زعم الكثيرين. فهناك من يدعي ان حركة حماس أو كتائب القسام والقوة التنفيذية قد حشدوا حوالي 5000 آلاف مقاتل سدوا جميع الطرق والمعابر والشوارع التي تصل إلى منطقة سكن غريب، حيث دارت المعركة التي انتهت بمذبحة ذهب ضحيتها غريب مع بعض أفراد عائلته وحراسته. وهناك من يقول ان عناصر القوة التنفيذية بعدما سيطروا على المكان عقب إطلاقهم أكثر من 50 قذيفة صاروخية على المنزلين اللذين تحصن داخلهما غريب ورفاقه، قاموا بتصفية وإعدام العميد غريب بشكل رهيب وإجرامي بحت.وهذا ما لا يمكن قبوله أبداً ، وما لا يجوز تمريره مرور الكرام، لأننا نحن الذين وقفنا ندافع عن صواب رأي حماس في المعركة، وصواب رأي الشعب حين انتخبها ، نرى أننا خذلنا ونعتبر أنفسنا مخدوعين ببعض الناس. فنحن في السابق قمنا بتعرية خصوم حماس من الفاسدين والمستزلمين، واشرنا بأصابعنا على قتلة المقاومين، وعملاء الأجهزة الأمنية الذين يلاحقون الشرفاء في فلسطين.. نكتب الآن ونخاطب حماس قائلين لها: لسنا هنا بوارد تمرير هذه الجريمة، ولن نقبل بذلك. فإذا صدقت الشهادات والأقوال عن محاصرة وإعدام غريب ومن معه، فأن مكانة حماس لدينا سوف تهتز كاهتزاز الأرض بعد أي هزة أرضية. وعلى حماس ان تنقذ سمعتها وتقوم بمعاقبة القتلة وتسليمهم للعدالة هم ومن يقف وراءهم، حتى يكونوا عبرة لمن لم يعتبر.فلا يجوز ان نحارب الفساد والعملاء ومن ثم يقوم نفر منا وضع لحماية الناس بقتل وتصفية بعض الناس بسبب خلافه معهم أو ثأرات قديمة لا علاقة لها بالوطن والقضية.
لنقرأ معاً ما جاءت به جريدة هآرتس التي تحدثت مع المواطن " ع" وهو أحد أفراد عائلة غريب ن قال " انه انضم لمسيرة سلمية غير مسلحة بهدف خلق حاجز بشري بين عناصر حماس وعناصر فتح المحاصرين في منزل غريب وبغية وقف الاقتتال. لكن عناصر حماس أطلقوا النار باتجاه المسيرة السلمية فأصابوا العشرات.وأضاف انه دخل المنزل المحاصر حيث كان هناك حوالي 50 شخصاً في غرفتين. ثم بدأت مفاوضات استسلامنا بعد ان انهارت جدران المنزل جراء القذائف الصاروخية، ووعدونا بأن لا يمسونا بسوء في حال استسلمنا، ولكنا لم نصدقهم، وبعد ذلك خرجنا أنا والعقيد محمد غريب ضمن أول خمسة أشخاص خرجوا من المنزل، ورفعنا أيدينا على جدار المنزل ثم قيدونا وانهالوا علينا بالضرب. وهنا تلقى احد الملثمين اتصالا هاتفيا فرد عليه وأغلق الخط وسأل أين محمد غريب ؟ وهنا وقف العقيد غريب على قدميه وقال انا محمد غريب وخاطبهم بالقول اعملوا فيّ ما تريدون فقط أطلقوا سراح الشباب ".
واضاف "ع" طلب منا عناصر حماس خلع السترات التي نرتديها " الجاكيتات" حتى يتأكدوا من عدم حيازتنا سلاح وهنا اعتقدنا بان القصة انتهت لكن ثلاثة منهم صلبوا العقيد غريب على الجدار وأطلقوا النار على قدميه واعتقدت بأنهم سيكتفون بذلك على اعتبار ان الإعلان عن نجاحهم بأسره سيعتبر إنجازاً لهم لكن الثلاثة تراجعوا إلى الخلف ليفسحوا المجال لثلاثة آخرين اقتربوا من غريب وأطلقوا النار على قدميه مرة أخرى وهنا صاح العقيد غريب وقال لهم" انا لم افعل لكم اي سوء ولم الحق الأذى بأي واحد على الإطلاق واخذ ينطق بالشهادتين وهنا تكرر المشهد حيث حضر ثلاثة آخرين وأطلقوا النار على قدمي غريب مرة ثالثة وحتى هذه المرحلة كان العقيد على قيد الحياة وهنا توجه القتلة إلى ابن أخت العقيد الفتى ثائر البالغ من العمر 16 عاما الذي دأب على مرافقه خاله في حله وترحاله وسألوه هل أنت ثائر ؟ وأجلسوه إلى جانب خاله الذي كان حينها على قيد الحياة وأطلقوا عليه النار فأردوه قتيلا إلى جانب غريب الذي كان في النزع الأخير ".
ويضيف "ع" قائلا" لم يشف مقتل ثائر غليل عناصر حماس فأخذوا يتبادلون النكات على غريب النازف ويقولون له " أنت لا تخجل حين تذكر الشهادتين ؟ أنت كافر استحي على نفسك وقد بدت على وجوههم الفرحة التي حلت مكان الغضب والعصبية.
وهنا كان غريب في النزع الأخير من حياته يسرق أنفاسه الأخيرة من بين سحاب الدخان ورائحة البارود وأقدام الجلادين الذين لم يكتفوا بإطلاق عشرات الرصاصات على قدميه فأطلقوا النار على رأسه وظهره وتركوه جثه هامدة ليسألوا عن ضحية جديدة باسم خالد غريب فأطلقوا عليه النار الا ان يد القدر تدخلت وأنقذت حياته حيث يصارع الموت في غرفة العناية المكثفة في مستشفى برزلاي .
وبعد هذا المشهد الدموي ورقصة الموت استمر استسلام المتواجدين في المنزل والذين انتظروهم عناصر حماس خارج المنزل وأطلقوا النار على ركبة كل شاب خرج من المنزل مستسلما واقتيد بعضهم على يد مسلحي حماس في جولات داخل شوارع غزة ومن ثم القوا بهم في شوارعها مصابين نازفين.".
إذا كانت هذه الرواية صحيحة وليست مؤلفة فإنني أعلن براءتي كفلسطيني من القوة التنفيذية كما كنت منذ سنوات سابقة أعلنت براءتي من الأمن الوقائي وامن ال17. وأوافق عباس وغير عباس على حلها مع الاحتفاظ بالأسباب، فلعباس حساباته وأسبابه أما أنا كمواطن فلسطيني فليس لي سبب سوى أنها تمارس عملاً مخالفاً لمهمتها الأساسية. ثم فالشعب الفلسطيني لا يريد ان يخرج من " تحت الدلفة الى تحت المزراب" كما يقول المثل الشعبي. لأن القوة الأمنية التي ترتكب جريمة بشعة بحجم جريمة إعدام العقيد غريب ومن كانوا معه في المنزلين، لا يمكن ان تحمي الوطن والمواطن. فالحقد لا يولد سوى الحقد، والجريمة تولد الجرائم. وجريمة إعدام غريب إذا صدق ناقل قصتها أعلاه ولم تكن من تأليف أجهزة الأمن الوقائي، تعتبر من أقذر وأبشع الجرائم التي عرفها التاريخ الفلسطيني. ولا يضاهيها في الإرهاب والجريمة سوى جرائم ال17 في زمن جمهورية الفاكهاني وفتح لاند في لبنان، حيث قام هذا الجهاز بإعدام المقاتلين الفلسطينيين الجرحى والمعتقلين من فصائل المعارضة الفلسطينية في لبنان. فجريمة إعدام مقاتلي جبهة التحرير الفلسطينية في مخيمات شمال لبنان (1979) بعد سقوط موقعهم واعتقالهم من قبل امن ال17 ثم إعدامهم لازالت حية في ضمائر رفاق الشهداء. وجريمة قتل وتقطيع أوصال خمسة من مقاتلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على حاجز لقوات فتح في منطقة ابو الأسود جنوب لبنان في نفس السنة لازالت أيضا حية. وجريمة قتل وتقطيع أوصال أكثر من عشرة مقاتلين في معسكر تابع للجبهة الشعبية القيادة العامة سنة 1983 في الشمال أيضا ستظل حية ووصمة عار على جبين الفتحاويين الذين نفذوها. ان جرائم من هذا النوع يجب ان لا تنسى وان توضع على الرف وأن لا يطويها النسيان وأن تذكرنا بان هناك بين ظهرانينا أشباه رجال ومرتزقة وقتلة ومجرمين وإرهابيين يجب محاسبتهم ووضعهم في السجون كي لا يفسدوا طهارة السلاح الفلسطيني. أخيرا وكفلسطيني قدم جزء من جسده وكل سنوات حياته في سبيل القضية الفلسطينية وثوابتها الوطنية لا يمكنني القبول بغير تسليم مرتكبي جريمة قتل غريب، حتى يكونوا عبرة لغيرهم ممن ارتكبوا جرائم كبرى وصغرى في فلسطين.وعلى حماس ان تفعل ذلك حتى لا تفقد مصداقيتها وشعبيتها وطهارة سلاحها.