الآن يطوي انقلاب حماس عامه الاول في السيطرة على قطاع غزة، وفصله عن باقي الوطن.. اليوم تمر ذكرى أليمة على الشعب العربي الفلسطيني، تذكره بالمحطات النكبوية التي ألمت به على مدار العقود الماضية.. الانقلاب صفحة قاتمة في حياة الشعب، القى بظلال ثقيلة على وحدة الشعب والارض والقضية والنظام السياسي. وما زال يترك اثاره البائسة.. ولا يمكن للمواطن الفلسطيني ان يمر مرور الكرام على هذه الذكرى التي تركت وخلفت ضحايا بالمئات بعضها مازال يعض على جراحه، وبعضها تحملها عائلات لذكرى ابنائها الذين فقدتهم نتاج العمل الانقلابي. وكان الوطن والقضية هما الخاسر الاكبر من تبعات الانقلاب، الذي قدم خدمة مجانية للعدو الاسرائيلي..
عام مضى والشعب الفلسطيني يدفع الاستحقاق المر من لحمه الحي بفعل تبعات وتداعيات الانقلاب وجرائم الاحتلال التي لم تتوقف، وتعمقت حصارا وجرائم لامثيل لها، وادمت حياة المليون ونصف المليون في غزة تحت حجج وذرائع عبثية تتنافى مع ابسط المعايير والقيم الانسانية، والمواثيق الدولية. فالى متى سيبقى الشعب يدفع الفاتورة مضاعفة؟ ولماذا لا يعود الانقلابيون الى حاضنة الشعب والشرعية؟ وهل فكروا للحظة بما يجنيه الشعب نتاج سياسة المغامرة والانقلاب؟ هل حاولوا ان يعيدوا النظر للحظة في التداعيات الخطيرة التي نجمت عن الانقلاب في الاتجاهين الخاص والعام؟ هل سألوا انفسهم عن الفائدة التي جنوها؟ او الخسائر المفجعة التي لحقت بالشعب والقضية والمشروع الوطني؟ هل رصدوا المصائب والضحايا التي طالت المواطنين؟ وهل حاولوا التدقيق في الافاق التي يمكن ان تنتج عن استمرار سياسة العبث والفوضى؟ ولماذا لا يسألون انفسهم عن المستفيد من الانقلاب؟ وعن اي شرعية يمكن الحديث عنها في ظل الوضع الانقلابي؟ وما هو مصير الدويلة القزمية التي يحثون الخطى لاقامتها في غزة؟ وهل هذه الدويلة لها افاق ومستقبل؟ وهل يمكن لها ان تكون ركيزة للمقاومة؟ كيف؟ وما هي مقومات ذلك؟ وايهما اكثر واقعية ومنطقية لمشروع المقاومة واقع التشرذم والتفسخ ام الوحدة ورص الصفوف؟ ولماذا لا يتخلون عن سياسة المكابرة والعناد الاعمى وادارة الظهر لمبادرة الرئيس الفلسطيني؟ لماذا لا يلتقطون اللحظة والفرصة ليعودوا لجادة الشعب والشرعية بكرامة ودون جراح تدمي القلوب والعقول اكثر مما هي مدماة؟
ان الاوان لان تعود عربة الوحدة الوطنية لتقود مسيرة الشعب ومشروعه الوطني. وما على القوى الانقلابية سوى القبول بمبادرة الرئيس ابو مازن دون مماطلة وتسويف وعبث اكثر بمصير الشعب والقضية. لم يعد من المنطقي والجائز ان يتحمل الشعب الفلسطيني خسائر اضافية. ولم يعد يحتمل مناكفات وشعارات "الحوار دون شروط !" اومقولة " لا غالب ولا مغلوب !" او الذهاب بعيدا في سياسة الاغتراب عن مصالح الشعب والقضية والمشروع الوطني. بات لزاما على كل القوى الحية في الشعب العربي الفلسطيني وخاصة في حركة حماس ان ترفع صوتها عاليا لوقف مهزلة الانقلاب والعمل على ترميم جسور الوحدة التي اصلت لها المبادرة الرئاسية المهمة. لان الثمن الذي سيدفعه الشعب والقضية والمشروع الوطني سيكون باهظا، ولن ينفع الندم لاحقا. فهل يدرك الكل الوطني مسؤولياته وينهض بدوره ويدفع بعربة الوحدة للامام؟؟